يجلسُ هادي أمامنا، الشاب العشريني وقف ذات يوم بين الحياة والموت فقد عينه اليمنى، وتضرّرت الأخرى وبُترت أصابع من يده، لكنّه لم يتوقّف هادي لم يبكِ، لم ينهَر، لم يغلق بابه على الحياة، بل فتحه على مصراعيه
الجريح هادي في جامعته يواصل الدراسة
تخرّج من جامعته بمعدّل مرتفع رغم الألم، رغم الصور غير الواضحة رغم الأوراق التي باتت صعبة الترتيب اعتبرتها فترة نقاهة، فترة استراحة محارب… استرحنا، مشي حالنا، خلّصنا عملياتنا، خلصنا العلاج اللي لازم ناخده، نحنا قادرين نعطي مثل قبل،ويمكن صار في عنا دافع أكتر إنو نعطي… صار في عنا شغلتين : التكليف الطبيعي، والثأر لنفسا
هادي اثناء الدراسة
هكذا يرى هادي فترة جرحه، وهكذا يخلُق من جرحه دافعًا أكبر للثأر هكذا هم… يرَون في الجرح نصرًا، وفي الشهادة حياة
أكمل هادي دراسته في جامعة المعارف – كلية الإدارة وسط دعمٍ كبير من أساتذته ورفاقه،الذين لم ينظروا إلى إصابته كعائق بل كعلامة قوّة وإصرار كانوا يقرأون له حين تتعب عينه،يرافقونه في مشاريعه الجامعية ويشجّعونه عند كلّ اختبار، فكان النجاح مشتركًا… بينه وبينهم وهنا تبرز أهمية المجتمع المحيط بجرحى المقاومة فالدعم لا يكون فقط بالمشاعر، بل بالفعل
بخلق بيئة تعليمية متفهمة
بتمكينهم من مواصلة حياتهم اليومية دون تمييز أو شفقة
وبإشراكهم في الأنشطة والمؤسسات بشكل طبيعي ومحترم
اصبع هادي المبتور
هادي لم ينهض وحده
لقد نهض لأن هناك من آمن به
وتمامًا كما يحتاج الجريح إلى دواءٍ لجسده
يحتاج إلى مجتمع يثق بعقله، يساند روحه، ويرى فيه شخصًا قادرًا على الحياة والإنتاج, لهذا فإن مسؤولية المجتمع لا تقلّ أهمية عن تضحيات الجريح نفسه فهو إن قدّم جسده، فنحن مدعوون لنقدّم له الاحترام، الفرص، والتقدير
ولادي لما يشوفوا إمّهن انجرحت بسبب هيدا العدو، حيكون عندهم حبّ للمقاومة، وحبّ للثأر
لا ترى زينب جرحها عائقًا لبناء أُسرة بل تراه دافعًا كبيرًا لتربية الأولاد على هذا النهج لتمهيدهم للثأر، ولمعرفة وحشية عدوّهم
الجريحة زينب, و عينها المطفئة
في أكبر جريمة إنسانية، وبينما كانت في المكان الذي يُفترض أن تشعر فيه بالأمان, سلب العدو منها عينيها لكنه عجز أن يسلب منها إرادتها بمساندة زوجها وحبّه لها، تحضّر زينب لبناء عائلة ولممارسة الأمومة بشكلٍ طبيعيّ بدعمٍ من عائلتها… وإيمانٍ بأنها ترى بقلبها، أكثر مما يرى الآخرون بعينهم
منزل الجريحة زينب
مقابلة زينبقبل أسبوعٍ واحد من زفافه كان شادي يضع اللمسات الأخيرة في منزله الزوجي مع خطيبته الطلاء اكتمل، الأثاث وُضع في مكانه،والقلوب تهيّأت لحياةٍ زوجيّة دافئة لكنّ انفجار البيجر جاء فجأة… وخطف من جسده الكثير
الجريح شادي داخل منزله
أُصيب شادي إصابةً بليغة فقد عينَيه، وبُترت أصابعه واستُبدلت لحظة الفرح بغرفة عناية فائقة استفاق، وكانت أولى مطالبه أن يسمع صوت خطيبته
بس سمعت صوتها، اطمنت إنها بخير,هيدا اللي بهمني
تزوّجا، وسكن الحبّ منزلًا سبق أن وُلد فيه الحلم، وكاد أن يُدفن
الجريح شادي و زوجته
اليوم، يكمل شادي دراسته في الماجستير – اختصاص البرمجة, الأساتذة لم يرَوا في إصابته ضعفًا بل وجدوا فيه طالبًا استثنائيًا يستحق فرصة كاملة, يجلس خلف شاشة الكمبيوتر،يستخدم برنامجًا يتيح له العمل عبر السمع واللفظ يبرمج، ينجح، ويمهّد لبناء أسرة
قصة شادي وزوجته ليست فقط عن حبّ هي عن تحالف إنساني مقدّس
في وجه العجز
في وجه الخوف
في وجه الوجع
الجريح شادي اثناء لستعمال الهاتف
مقابلة شادي